مأساة العصلوجي: كشف خيوط “جريمة قتل الحاجة سميرة” التي هزت الشرقية

The crime that shook the Sharqia Governorate

جريمة قتل الحاجة سميرة بالعصلوجي: كشف تفاصيل صادمة لمؤامرة خيانة وطمع. تعرف على خيوط الجريمة وكيف واجه القتلة العدالة، الجريمة التي هزت الشرقية

في قلب محافظة الشرقية، وتحديداً في قرية العصلوجي التابعة لمركز الزقازيق، كانت تعيش عائلة الحاج سعيد، أسرة عُرفت بين أهل القرية بأخلاقها الفاضلة وسيرتها الطيبة وأعمال الخير التي لا تنقطع. كانت الحاجة سميرة، زوجة الحاج سعيد، رمزاً للعطاء والكرم، لا تتردد في مد يد العون للمحتاجين، فكان منزلها ملاذاً لمن ضاقت بهم السبل. لكن ما لم يكن في الحسبان، أن الشر قد يتسلل إلى هذا البيت الآمن، ليُزهق روحاً بريئة ويكسر قلوب عائلة بأكملها. ما بدأ كقصة كرم وتكافل، تحول إلى لغز مُربك، ثم إلى صدمة مدوية، ليُسدل الستار عن واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها القرية: “جريمة قتل الحاجة سميرة”.

هذه المقالة ستأخذنا في رحلة عميقة لكشف تفاصيل هذه المأساة، منذ بدايتها كحكاية خير، وصولاً إلى لحظة انكشاف الحقائق الصادمة التي أدت إلى فاجعة لم يتوقعها أحد.


الحاجة سميرة: قصة عطاء تحولت إلى مأساة

الحاج سعيد، الرجل الذي قارب السبعين من عمره، يمتلك محلاً يعمل فيه “مكوجي”، كان متزوجاً من السيدة الفاضلة الحاجة سميرة، التي شاركته سنوات طويلة من الكفاح والعطاء. رزقهما الله بستة أبناء: أربع بنات (سحر، نجلاء، إسلام، ورشا) وولدان (محمد وأحمد). لقد بذل الأبوان قصارى جهدهما في تربية أبنائهما على أفضل وجه، حتى أتموا تعليمهم وشق كل منهم طريقه في الحياة.

البنات تزوجن واستقللن بحياتهن، اثنتان منهن سافرتا للعيش في السعودية، بينما بقيت الاثنتان الأخريان في القرية بالقرب من منزل والديهما. أما الولدان، فقد سافر أحمد الصغير للعمل في السعودية، بينما استقر محمد في بيت العائلة، حيث تزوج وأنجب أطفالاً، كان من بينهم حفيدهما معتز الذي كان في التاسعة من عمره وقت الحادثة.

كان معتز يقضي معظم وقته مع جدته الحاجة سميرة، يساعدها في أعمال المنزل، خاصة وأن صحتها لم تكن على أفضل حال. كانت الحاجة سميرة معروفة بجهودها الكبيرة في إعداد وجبات الإطعام للمحتاجين. ورغم أن بناتها كن يحرصن على رعايتها، إلا أنها لم تكن تحب أن تشغلهن بشؤونها، اعتقاداً منها أنهن يعانين من ضغوط حياتهن وتربية أبنائهن.

استمرت الحاجة سميرة في فعل الخير، مدركة الظروف المادية الصعبة للكثيرين، ومن بين من كانت تساعدهم شابة تدعى هند، في أوائل العشرينات من عمرها، تعمل كوافيرة ومتزوجة من كهربائي يدعى رفعت. كانت الحاجة سميرة تعرف هند منذ سنوات طويلة، فكانت تقطن في نفس منطقتها، وكانت العلاقة بينهما وثيقة، إذ كانت الحاجة سميرة تقدم لها المساعدة المادية حتى قبل زواجها من رفعت.


الخيانة تتسلل: هند وثقتها المفقودة

الجريمة التي هزت محافظة الشرقية
The crime that shook the Sharqia Governorate

في أواخر عام 2019، ومع ضعف صحة الحاجة سميرة، اقترحت على هند أن تعمل لديها وتساعدها في تنظيف المنزل، لتوفير دخل ثابت لها بجانب عملها في الكوافير. وافقت هند على الفكرة برحابة صدر، وبدأت تتردد على منزل الحاجة سميرة كل يومين لتنظيف وترتيب البيت. بمرور الأيام، توطدت العلاقة بينهما بشكل كبير، وتنامت الثقة، مما سمح لهند بالاطلاع على تفاصيل كثيرة من حياة الحاجة سميرة وأولادها، حيث كانت تستمع لمحادثاتها الهاتفية معهم وتناقش معها أمورهم الشخصية ومواردهم المالية.

كانت هند، بعد انتهائها من عملها وقبل مغادرتها، تحرص على تجهيز صينية صغيرة للحاجة سميرة تحتوي على مشروباتها المفضلة، وتضع بجانبها أسطوانة غاز صغيرة لتسهيل الأمور على الحاجة سميرة التي كانت تعاني من ضعف في رجليها. بعد عدة أشهر، وتحديداً في منتصف عام 2020، انتقل محمد، ابن الحاجة سميرة، إلى منزل جديد خاص به، مما جعل منزل العائلة خالياً إلا من الحاج سعيد والحاجة سميرة. ورغم ذلك، لم يشعرا بالوحدة، فكان أحباب الحاجة وجيرانها يزورونها باستمرار، وبناتها كن يطمئنن عليها يومياً. لم يكن أحد ليتخيل أن هذه الثقة التي منحتها الحاجة سميرة لهند ستكون بوابتها إلى مأساة لا تُنسى.


يوم الجريمة: صباح الفسيخ وليل المأساة

في صباح يوم الثلاثاء الموافق 6 أكتوبر 2020، اتصلت الحاجة سميرة بابنها محمد وطلبت منه شراء كمية إضافية من الفسيخ، حيث كانت تعزم بعض جاراتها على الغداء. وصل الفسيخ، وبعد صلاة الظهر، حضرت جارات الحاجة سميرة، وتناولن الغداء معها. كان حفيدها معتز موجوداً، لكنه رفض تناول الفسيخ لأنه لا يحبه، واستأذن جدته للذهاب إلى منزله وتناول الغداء مع إخوته، واعداً بالعودة لاحقاً.

بعد المغرب، غادرت الجارات، ووعدن الحاجة سميرة بزيارتها في اليوم التالي. استلقت الحاجة سميرة على كنبة الصالة، تنتظر أذان العشاء لتؤدي صلاتها. في تمام الساعة السابعة والربع مساءً، بعد أذان العشاء بربع ساعة، وصل معتز إلى منزل جدته. تفاجأ بأن باب الشقة وباب السلك الخارجي كانا مفتوحين، وهو أمر أثار استغرابه لأنه كان يعلم أن جدته تغلق باب السلك دائماً، وتبقي باب الشقة مفتوحاً طوال النهار. عندما دخل إلى الداخل، تسمر في مكانه، وازدادت ضربات قلبه. بعد ثوانٍ من الصدمة، صرخ وخرج مسرعاً من الشقة، هرولاً نحو محل جده.


اكتشاف الجثة والشكوك الأولية

الحاج سعيد، فور رؤيته معتز بهذه الحالة من الفزع، شعر بالقلق. قبل أن يسأله، قال معتز بخوف: “جدتي نائمة على الأرض، وهناك الكثير من الدم حول رأسها”. ترك معتز جده وهرول إلى منزله، وأخبر والده بما رأى، ومن ثم ذهب ليخبر باقي أفراد العائلة. بعد دقائق، وصل الحاج سعيد ومحمد ابنه إلى الشقة. بمجرد دخولهما، صعقاهما منظر الحاجة سميرة، فقد كانت ملقاة على الأرض، وهناك جرح فوق جبهتها، وإلى جانبها أسطوانة الغاز الصغيرة مقلوبة. من المنظر، ظنا في البداية أنها سقطت وأصيبت. لكن محمد، عندما اقترب منها، وجد والدته قد فارقت الحياة.

بعد دقائق، وصلت بناتها وأحفادها وباقي أفراد العائلة. حمل محمد وأخواته والدتهم بسرعة إلى المستشفى. قبل دخولهم قسم الطوارئ، نظر أحد الممرضين إلى الحاجة سميرة وأخبرهم أنها فارقت الحياة، ونصحهم بالعودة بها إلى المنزل. بالفعل، عادوا ووضعوها على سريرها، ونظفت بناتها الدم الذي كان على الأرض. في حوالي الساعة الحادية عشرة مساءً، خرج محمد من المنزل لإذاعة خبر وفاة والدته عبر مكبرات الصوت في المساجد.

“قد يهمك: مراجعة شاملة لهاتف سامسونج Galaxy S25 Ultra

“اطلع على: إنشاء وبيع المنتجات الرقمية


تحول الشك إلى يقين: الكشف عن آثار الجريمة

بعد ساعات قليلة، وتحديداً في الساعة الثالثة فجراً، دخلت نجلاء، ابنة الحاجة سميرة، إلى الغرفة التي ترقد فيها والدتها لتغيير ملابسها وتجهيزها للغسل. تفاجأت بشيء غريب وهي ترفع شعر والدتها: رأت جرحاً كبيراً وعميقاً في مؤخرة رأسها. وعندما حاولت خلع الدبلة التي ترتديها في يدها اليسرى، وجدت إصبعها المجاور للدبلة به جرح عميق لدرجة أن العظم كان ظاهراً. شعرت نجلاء أن شيئاً غير طبيعي قد حدث لوالدتها، فنادت على أخيها محمد وأرته ما رأته، وقالت له: “هناك شيء خطأ”.

من هنا، تغير كل شيء. قرر محمد الانتظار حتى يطلع النهار ليتصرف. وفي الساعة العاشرة صباحاً، وصل طبيب الصحة، وبعد أن فحص الحاجة سميرة، أبلغ أولادها بأن الوفاة وراءها شبهة جنائية، وأكد أن أكثر من شخص تعامل معها وقت وفاتها. تحول الشك إلى يقين، وأبلغ أولادها الشرطة. وصلت قوات الشرطة إلى مكان البلاغ، وتمت معاينة جثة المجني عليها والشقة. كانت الملاحظة الأولى التي تم تسجيلها هي أن جميع منافذ ومداخل الشقة سليمة، ولا توجد أي آثار لعنف أو كسر، مما يعني أن القاتل دخل بطريقة شرعية، سواء بإرادة السيدة سميرة أو بعلمها. بعد انتهاء المعاينة، نُقلت الجثة إلى مشرحة الطب الشرعي لفحصها وتحديد سبب الوفاة، وبدأ التحقيق المكثف مع جميع الأطراف.


خيوط التحقيق الأولى: الشاهد الصامت والكاميرات تكشف

في التحقيقات الأولية، أدلى زوجها الحاج سعيد بشهادته، مؤكداً أنه كان في محله وقت الحادث. كما أشار إلى أن حفيده معتز هو من أخبره بإصابة جدته. ومن ضمن أقواله، ذكر أنه في يوم الواقعة وقبل صلاة العصر، كان في مشوار على دراجته النارية، وبعد أن انتهى وعاد إلى بيته ليتوضأ لصلاة العصر، لمح شاباً يجلس أمام البيت، وكان شكله غريباً. وقد لفت انتباهه ذلك لأن بيته يقع في شارع سد، وبجواره بيتان فقط، وكل من يسكنهما معروفون، وحتى الأقارب الذين يزورونهم ملامحهم مألوفة لديه. ما جعله يشك في الشاب أنه كان يرتدي قبعة ويغطي معظم وجهه.

ظل الحاج سعيد يراقبه لبعض الوقت، ثم صعد إلى بيته، ووجد جارات الحاجة سميرة ما زلن عندها، وسلم عليهن. بعد ذلك، طلب من زوجته أن يتحدث معها بضع كلمات، وأخبرها عن الشاب الذي رآه، وأنه يشك في أنه قد يكون لصاً وقد يسرق دراجته النارية. بعد أن توضأ، نزل بسرعة من بيته، ولم يجد الشاب، وعندما وجد دراجته في مكانها اطمأن وذهب إلى محله. اختتم أقواله بأن زوجته كانت سيدة طيبة وكريمة وتعمل الخير منذ سنوات مع الكثيرين، ولم تؤذِ أحداً قط، وأنهم أناس في حالهم ولا يتدخلون في المشاكل.

بعد انتهاء أقوال الحاج سعيد وأولاده وجميع الجيران والمعارف، لفت انتباه رئيس المباحث أثناء التحقيق أن اسم هند قد ذُكر أكثر من مرة. وقبل أن يطلبها للتحقيق، وصلته معلومة عن طريق أحد الجيران بأن هند تعمل عند الحاجة سميرة، وأنه في يوم الواقعة وقبل صلاة العشاء، رأى رفعت زوج هند واقفاً أمام بوابة الحاج سعيد. سلم الجار عليه وسأله عن سبب وجوده، لكن رفعت لم يجبه وغير الموضوع. بعد هذه المعلومات، علم رئيس المباحث أنه تم تفريغ جميع كاميرات المراقبة المحيطة بمكان الواقعة، حيث لم تكن هناك كاميرات عند منزل الحاج سعيد نفسه. ومن ضمن التسجيلات، كان هناك تسجيل مهم في تمام الساعة 7:15 مساءً في يوم ارتكاب الجريمة، ظهرت فيه ثلاث سيدات يرتدين عباءات، ومعهما رجلان.

الملفت للنظر أنهن كن يتلفتن يميناً ويساراً بطريقة غريبة، بالإضافة إلى خطواتهن السريعة عند تواجدهن في الشارع القريب من منزل الحاجة سميرة، وظهرن في نفس الشارع أكثر من مرة. وفي فيديو آخر يعود إلى أيام قبل الجريمة، ظهرت اثنتان من السيدات وهما تسيران في نفس الشارع. عندما عرضت الفيديوهات على الحاج سعيد، أشار إلى سيدة ورجل منهم وقال إنها هند التي كانت تعمل عند زوجته، وهذا زوجها رفعت.

وبعد صمت لثوانٍ، قال بصوت عالٍ إنه يعرف السيدتين الأخريين، وإن إحداهما تدعى شيماء، وأشار إليها قائلاً إنها تعمل بائعة خضار وقد زارته في محله مرتين وعرضت عليه بضاعتها واشترى منها في المرتين، وبعد أن اشترى، أرسلها بالخضار إلى زوجته في البيت. وقال أيضاً إنه رأى شيماء والسيدة التي معها لمدة يومين متتاليين، وكلتاهما كانتا تجلسان في الشارع أمام بيته، وعندما رآهما استغرب، لكنه لم يعلق حينها، وقال ربما تكون شيماء تجلس مع صديقة لها أو زبونة تتحدث معها.

“قد يهمك: اغتيال مارتن لوثر كينغ

“اطلع على: قضايا مثيرة للجدل في مصر


الاعترافات الصادمة: كشف المتورطين

بعد انتهاء كلام الحاج سعيد، أمر رئيس المباحث بضبط وإحضار هند وزوجها. تم عمل كمين لهما، حيث علم رجال المباحث من أقوال أهل المجني عليها والتحريات أن هند شخصية شكاكة. تمكنوا بالفعل من القبض عليها أمام منزلها. وعند تفتيش المنزل، لم يجدوا زوجها رفعت. عرضت هند على رئيس المباحث، وبدأ استجوابها. قالت هند في التحقيقات إنها تعرف السيدة سميرة منذ سنوات، وهي التي ساعدتها في زواجها، وأعطتها مالاً لتتزوج رفعت، وظلت تقف بجانبها حتى بعد الزواج، وشغّلتها عندها، وكانت تعطيها يومية جيدة، بالإضافة إلى الطعام الذي كانت تأخذه منها في كل مرة تذهب فيها إلى منزلها.

واستمر عملها عند السيدة سميرة لمدة عام. في وسط أقوالها، بدأت هند تلمح إلى أن هناك أشخاصاً كثيرين من معارف الحاجة سميرة قد يكونون هم من قتلوها، وبررت اتهاماتها لهم بأنها تعرف حقيقتهم بحكم عملها عند السيدة سميرة لفترة طويلة، وقالت أيضاً إنها رأت في أعينهم نية الغدر.

لكن وقت التحقيق، جاءت إخبارية لرئيس المباحث بأنه تم القبض على رفعت زوج هند. بعد انتهاء التحقيق مع هند، بدأ التحقيق مع رفعت. أنكر رفعت في البداية معرفته بأي شيء، لكن في نفس الوقت، كان يبدو عليه التوتر والخوف. تمكن رئيس المباحث من إيقاعه في الكلام، ونهار رفعت في النهاية واعترف بأن هند هي التي خططت ودبرت لكل شيء. كما ذكر أسماء شركائهم الثلاثة: ياسمين (أخت هند)، وزوجها نادر، وشيماء (صديقة هند). في غضون ساعات، تم القبض عليهم جميعاً.

في التحقيق معهم، اعترفت شيماء وياسمين بدون أي ضغوط، بينما نفى نادر اشتراكه في الجريمة، لكن بالضغط عليه، اعترف في النهاية. من اعترافات المتهمين، تمكنت جهات التحقيق من معرفة تفاصيل ارتكاب الجريمة.


تفاصيل الجريمة: خطة دنيئة ونهاية مروعة

بعد أن عملت هند عند الحاجة سميرة، عرفت تفاصيل كثيرة عن حياتها، ورأت الخير الذي تملكه من أموال وذهب، سواء الذي كانت ترتديه أو الذي كانت تخبئه في صندوق داخل الدولاب. وعندما تمكن الطمع من هند، سيطر الشيطان على تفكيرها، خاصة بعد أن غادر محمد ابن السيدة سميرة بيت العائلة، وأصبحت الحاجة سميرة تعيش وحدها وهي كبيرة في السن وصحتها متدهورة. فاتحت هند زوجها رفعت بما يدور في ذهنها، وأعجبته الفكرة، لكنه قال لها إن العملية كبيرة عليهما ويحتاجان لمن يساعدهما. فاتفق مع نادر، زوج أختها، أن يكون معهما هو وزوجته ياسمين أخت هند. اختار رفعت نادر بالذات لأنه كان لديه سوابق، وتم القبض عليه مرتين في قضايا مخدرات. واستعانت هند بصديقة لها تدعى شيماء.

بدأ الخمسة في رسم خطتهم وقسموا الأدوار بينهم. مثلت شيماء دور بائعة خضار وذهبت إلى الحاج سعيد في محله، وعرضت عليه بضاعتها، وبعد إلحاح منها بأن يشتري، وافق الحاج سعيد واشترى. أرسلها بالخضار الذي اشتراه لتوصيله للحاجة سميرة. كان الهدف من ذلك هو معرفة مواعيد الحاج سعيد والدخول إلى البيت والتعود على المكان، وحتى لا يشك أحد بها إذا شوهدت هناك لاحقاً. أما نادر، فكانت مهمته مراقبة بيت الحاجة سميرة ومعرفة من يتردد عليها. أما رفعت وهند وياسمين، فبدأت مهمتهم في يوم تنفيذ الجريمة.

في يوم 6 أكتوبر 2020، ذهبت هند إلى الحاجة سميرة للاطمئنان عليها وعلى طلبات الناس الذين كانوا معها، لكنها كانت تنزل من البيت كل فترة بحجة مختلفة. وبمجرد أن علمت أن ضيوف الحاجة سميرة على وشك المغادرة، نزلت قبلهم. وفي أذان العشاء، وتحديداً الساعة 6:45 مساءً، بدأوا في تنفيذ خطتهم. ذهبت ياسمين إلى محل الحاج سعيد لتراقبه، وفي نفس الوقت كانت على اتصال بباقي أفراد العصابة. صعد رفعت وهند ونادر إلى بيت الحاجة سميرة، وتركوا شيماء واقفة عند باب العمارة لمراقبة المكان.

بعد صعود الثلاثة، فتحت هند باب السلك برفق، وعندما دخلت، وجدت السيدة سميرة نائمة على الكنبة. تسلل الثلاثة بهدوء، وفي لحظة، هاجموا عليها. أمسك رفعت أسطوانة الغاز وبكل قوته ضرب الحاجة سميرة على رأسها من الأمام. عندما سقطت من على الكنبة إلى الأرض على وجهها، ضربها الضربة الثانية في مؤخرة رأسها. بعد الضربتين، أمسك نادر طرحة المجني عليها ولفها حول رقبتها وخنقها بها. وفي نفس الوقت، أمسكت هند عكاز الحاجة سميرة وانهالت به ضرباً على جسدها، مما تسبب في جرح عميق في إصبع من أصابع يدها اليسرى.

بعد أن تأكد الثلاثة من موتها، جلست هند على الأرض، وأزالت الطرحة من على رقبة السيدة سميرة، وخلعت الحلق من أذنيها، وأخذت السلسلة من رقبتها، وخلعت الخاتم من يدها اليمنى، لكنها لم تتمكن من خلع دبلة الزواج، لذلك تركتها. أدخلت يدها في ملابسها وأخذت محفظتها، ودخلت بسرعة إلى الدولاب، وفتحته، وأخرجت الصندوق الذي يحتوي على الذهب، وأخذت الغوايش السبع التي كانت بداخله. ثم ذهبت إلى سرير الحاجة سميرة وأخذت هاتفها المحمول من تحت المخدة.


القبض على الجناة والعدالة تأخذ مجراها

بعد أن أنهى المجرمون الثلاثة جريمتهم في أقل من 20 دقيقة، اتصل أحدهم بياسمين وقال لها أن تتحرك من أمام محل الحاج سعيد وتأتي إليهم إلى البيت بسرعة. لكن قبل أن يخرج المجرمون من باب الشقة، سمعوا صوت أقدام تصعد السلم، وبسرعة اختبأوا في غرفة النوم. بعد لحظات، رأوا معتز، حفيد السيدة سميرة، وهو مفزوع من شكل جدته. وبمجرد أن نزل معتز من البيت، نزل هند ورفعت ونادر بسرعة. وجدوا ياسمين وشيماء في انتظارهما، وهرول الخمسة من مكانهم وذهبوا إلى بيت هند. بعد ساعات قليلة، سمعوا خبر وفاة الحاجة سميرة، وعلموا أن الدفنة ستكون في اليوم التالي بعد صلاة الظهر. بعد أن علموا هذه المعلومة، اطمأنوا أن الجريمة لم تُكتشف، لذلك لم يهربوا وظلوا في بيوتهم.

بسؤال المتهمين عن مكان المسروقات، اعترفوا أن نادر حفر حفرة في مكان قريب من “طرمبة مياه” بجوار بيته وأخفاهم فيها حتى يتمكنوا من بيعها. أما الهاتف المحمول، فقد أحرقوه ورموه في أرض مهجورة. بعد اعتراف المتهمين بارتكاب جريمتهم، تم عرضهم على النيابة، وبعدها تم تحويلهم إلى محكمة جنايات الزقازيق (Zagazig).

“اطلع على: أخطر الأساطيل البحرية في التاريخ


الخاتمة: حكم العدالة ودروس من المأساة

في تاريخ 25 مايو 2021، صدر الحكم على هند ورفعت ونادر بالإعدام شنقاً، أما ياسمين وشيماء، فقد حكم عليهما بالسجن المؤبد. وفي شهر يوليو من عام 2025، تم تنفيذ حكم الإعدام على هند ورفعت ونادر.
تُعد “جريمة قتل الحاجة سميرة” قصة مروعة تكشف عن أبشع صور الخيانة والطمع. إن البيوت لها حرمتها ومليئة بالأسرار، ولا يجب أن ندخل أي شخص إلى بيوتنا أو نمنحه الأمان المطلق. وإذا حدث ذلك، فيجب أن يكون في أضيق الحدود. فلا ينبغي أن يعرف الغرباء تفاصيل حياتنا، لأن النفوس المريضة والطماعين أصبحوا كثرة في زماننا هذا.

رحم الله السيدة سميرة، ويهدي كل النفوس المريضة. هذه القصة تظل درساً قاسياً بأن الثقة الزائدة قد تكون طريقاً إلى الهلاك، وأن الشر قد يتخفى خلف أقنعة الود والصداقة، ليُزهق أرواحاً بريئة تحت تأثير الطمع والجشع.

Leave A Reply

Your email address will not be published.