المخابرات المصرية على مدار تاريخها صنعت أساطير لا تُنسى، ونجحت في توجيه ضربات قاصمة للعدو الإسرائيلي في أصعب الفترات. قصص الجواسيس والعملاء اللي جندتهم المخابرات مش مجرد حكايات للتسلية، لكنها شواهد حقيقية على عبقرية جهاز بيحمي وطنه ويعرف إزاي يستغل أضعف الفرص علشان يحقق أقوى الانتصارات.
قائمة المحتويات
ومن بين القصص دي، بتيجي قصة استر عزرا بناي، الفتاة اليهودية العراقية اللي اتحولت من مجرد سكرتيرة بسيطة في سلاح الجو الإسرائيلي، لواحدة من أخطر مصادر المعلومات للمخابرات العامة المصرية، وساهمت بمعلوماتها في نصر أكتوبر العظيم 1973.
من بغداد إلى تل أبيب: طفولة مليانة معاناة
اتولدت استر عزرا بناي في بغداد لعيلة يهودية فقيرة. ظروفها المادية كانت صعبة جدًا، وخصوصًا بعد وفاة والدتها وهي لسه صغيرة. من سن 13 سنة اضطرت تتحمل مسؤولية البيت بالكامل، تذاكر وتشتغل وتساعد إخواتها.
رغم كل ده، كان عندها طموح إنها تتعلم وتحقق نفسها، واشتغلت سكرتيرة في مكتب صغير. زي يهود كتير وقتها، حلمت بالهجرة لفلسطين “أرض الميعاد”، وهناك افتكرت إنها هتلاقي الجنة الموعودة. لكن أول ما وصلت إسرائيل اصطدمت بواقع قاسي.
صدمة الواقع في إسرائيل: عنصرية ومذلة
في إسرائيل، اليهود الشرقيين (السفارديم) كانوا بيعانوا من عنصرية شديدة من اليهود الأوروبيين (الأشكناز). استر، اللي جاية من أصل عراقي، اتعاملت كدرجة تانية في بلد المفروض إنها “وطن اليهود”.
اترمت في معسكر إيواء ظروفه سيئة، واشتغلت في مصنع نسيج بمرتب زهيد. صحتها تعبت وأصابها مرض الربو بسبب ظروف السكن والشغل. ولما حاولت تعالج نفسها، اكتشفت إن الأشكناز بيتعاملوا معاهم بازدراء، وإنها مجرد ترس ملوش قيمة في منظومة محتقرة لليهود الشرقيين.
من المصنع إلى الجيش الإسرائيلي

رغبتها في تحسين وضعها خلتها تقدم للتجنيد، واتقبلت تشتغل سكرتيرة في مكتب تابع لسلاح الجو الإسرائيلي. لكن حتى هناك، ما سلمتش من العنصرية. الضباط الأشكناز كانوا شايفينها أقل منهم، وكانوا بيتعاملوا معاها بفوقية. ومع ذلك، وجودها في سلاح الجو فتح باب مهم جدًا في حياتها، باب هيوصلها في الآخر للمخابرات المصرية.
صداقة غيرت مصيرها
في الجيش، اتعرفت على “رحيل نحمياس”، سكرتيرة تانية بقت صاحبتها المقربة. رحيل كانت منفتحّة اجتماعيًا وبتعرف ناس كتير، ومن خلال الصداقة دي، اتعرفت استر على واحد اسمه “جاك بيتون”. جاك كان شخص جذاب ولبق، وظهر إنه رجل أعمال فرنسي، لكن في الحقيقة هو رفعت الجمال، الجاسوس المصري الشهير اللي عاش سنوات طويلة في قلب إسرائيل وقدر يخترق مجتمعها. اللقاء ده غيّر حياة استر للأبد.
بداية التجنيد
جاك بيتون (رفعت الجمال) قدر يكسب ثقة استر بسهولة، خصوصًا إنها كانت متضايقة من وضعها وحاسة إنها مش لاقية مكانها وسط المجتمع الإسرائيلي. حكتله عن شغلها كسكرتيرة في سلاح الجو، وعن الوثائق اللي بتعدي على مكتبها.
المخابرات المصرية شافت إن عندهم فرصة ذهبية. من خلال جاك، تم التواصل مع استر في اليونان، وهناك وافقت إنها تشتغل لصالح المخابرات المصرية. القرار ماكانش سهل، لكن كرهها للتمييز اللي اتعرضت له، وحبها لجاك، خلاها توافق وتبدأ صفحة جديدة.
بكرات الحبر: خطة عبقرية
واحدة من أذكى طرق التجسس اللي استخدمتها استر كانت بكرات الحبر. استر بحكم شغلها سكرتيرة، كان عندها وصول مباشر لآلات كاتبة خاصة بكتابة الوثائق العسكرية السرية. المخابرات المصرية جهزت لها خطة: بدل ما تسرق أوراق وتعرض نفسها للشك، كانت بتبدل بكرات الحبر الأصلية الفارغة اللي في الآلة الكاتبة ببكرات تانية خاصة، ترجعها للمخابرات.
البكرات دي كانت بتحتوي على آثار الكتابة الأصلية لكل الوثائق اللي اكتبست عليها. وده معناه إن المخابرات المصرية كانت بتقرأ نسخة طبق الأصل من أخطر وأسرار سلاح الجو الإسرائيلي بدون ما حد يشك.
على مدار سنوات، استر سلّمت أكتر من 400 بكرة حبر، كلها مليانة معلومات في غاية الخطورة.
حادثة السيارة وكابوس الشنطة
في مرة، وهي راجعة من شغلها، اتعرضت استر لحادثة سيارة. والكارثة إنها كانت شايلة شنطة جواها بكرات الحبر السرية. الشنطة راحت المستشفى معاها، وهناك فقدت السيطرة عليها. كانت لحظة رعب حقيقية، لأنها لو اتفتشت، كانت النهاية. لكن بذكاءها، قدرت تسيطر على أعصابها، وتظاهرت بعدم الاهتمام، لحد ما قدرت تسترجع الشنطة من غير ما حد يشك. اللحظة دي كانت فارقة، لأنها أنقذت حياتها وأنقذت المخابرات المصرية من فضيحة كبيرة.
من تل أبيب إلى القاهرة: عملية الإخلاء
استر فضلت تشتغل لصالح المخابرات المصرية لحد حرب أكتوبر 1973. ومع ارتفاع التوتر قبل الحرب، اتقرر إخلاءها بسرية من تل أبيب علشان ما تتكشفش. قبل ساعات قليلة من بدء العمليات العسكرية، خرجت استر من إسرائيل ورجعت القاهرة. وهناك تم استقبالها في جهاز المخابرات العامة، وتم تكريمها على الدور البطولي اللي قامت بيه.
“قد يهمك: تجمعات المياه الغامضة في الصحراء المصرية“
استر عزرا بناي: بطلة منسية

رغم إن قصتها مش معروفة زي رفعت الجمال أو رأفت الهجان، لكن استر عزرا بناي قدمت خدمات عظيمة لمصر. المعلومات اللي جمعتها عن سلاح الجو الإسرائيلي ساعدت في رسم خطط دقيقة، وأدت لإنجاح الضربة الجوية الأولى في حرب أكتوبر. قصتها مثال حي إن البطولة مش دايمًا بالسلاح، أحيانًا بتكون بورقة، بآلة كاتبة، أو حتى ببكرة حبر.
“قد يهمك: تنظيم ثورة مصر“
قصة استر عزرا بناي: الخاتمة
قصة استر عزرا بناي بتقولنا إن الظروف القاسية ممكن تخلق بداخل الإنسان قوة تخليه يغير التاريخ. من فتاة فقيرة مهمشة في بغداد، لسكرتيرة منبوذة في تل أبيب، لبطلة من أبطال المخابرات المصرية اللي ساعدوا في أعظم انتصار عربي حديث. دي مش بس قصة جاسوسة، دي قصة إنسانة عادية لقت فرصة إنها تعمل فرق، وفضلت مخلصة للقضية اللي آمنت بيها.

الاسم/ علي أحمد، كاتب متخصص في المقالات الإخبارية والترندات الحالية التي تشغل اهتمام الكثير من الأشخاص في الدول العربية، كما نقوم بنشر مقالات عامة متنوعة تُزيد من ثقافة القارئ العربي. لدينا خبرة طويلة في مجال المقالات الإخبارية والترندات والمقالات العامة المتنوعة، ونعتمد على المصادر الموثوق فيها لكتابة محتوى هذه المقالات. هدفنا هو إيصال المعلومات الصحيحة للقارئ بشكل واضح ومباشر.
يتميز علي أحمد بكتاباته التي تغطي مجموعة واسعة من المقالات العامة والأخبار العاجلة والموضوعات الرائجة. يجمع في طرحه بين السرعة في مواكبة الأحداث والدقة في نقل المعلومات، ليقدم للقارئ صورة واضحة وشاملة.
يركز على تحليل الأحداث بموضوعية وحياد، مع تقديم خلفيات مختصرة تساعد القارئ على فهم الخبر في سياقه. كما يعرض مقالات متنوعة حول الترندات الاجتماعية والتكنولوجية والثقافية، مما يجعل محتواه مناسبًا لجمهور واسع. كتاباته تعكس حرصًا على أن يكون الموقع دائمًا في قلب الحدث، مع محتوى جذاب يواكب اهتمامات القراء ويثير النقاش حول أبرز القضايا المعاصرة.