في السنوات الأخيرة، أصبح شات جي بي تي حديث الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، حيث يحاول الكثيرون اختبار قدراته من خلال أسئلة وأوامر غريبة أحيانًا أو مستحيلة التنفيذ عمليًا. ورغم أن الأداة أثبتت فعاليتها الكبيرة في الحوار والإجابة على الأسئلة المعقدة، إلا أن هناك انتقادات واسعة حول حدودها وما يمكنها القيام به بالفعل.
قائمة المحتويات
في هذا المقال سنناقش قدرات شات جي بي تي، ونتطرق إلى الجدل الذي أثير بسبب تحديات مثل “العد من واحد إلى مليون”، ونتعرف على الأسباب التقنية وراء رفض مثل هذه الطلبات، كما سنعرض آراء المستخدمين المختلفة حول الموضوع.
لماذا يظن البعض أن شات جي بي تي “يطبل” لمستخدميه؟
يلاحظ العديد من المستخدمين أن شات جي بي تي يتفاعل معهم بطريقة ودودة للغاية، إذ يستخدم عبارات مثل “سؤال ذكي” أو “هذا سؤال مهم للغاية”. هذا الأسلوب قد يجعل البعض يشعر أن الذكاء الاصطناعي يبالغ في المجاملة وكأنه يحاول رفع معنويات المستخدم. لكن في الحقيقة، هذا السلوك مبرمج بعناية ليخلق تجربة محادثة طبيعية ومشجعة، بحيث يشعر المستخدم بالراحة في الاستمرار بالحوار.
الجدل حول تحدي العد من واحد إلى مليون
أحد الفيديوهات التي انتشرت على “تيك توك” كان لمستخدم أمريكي طلب من شات جي بي تي أن يعد من واحد إلى مليون. وعندما رفض، بدأ بعض العرب بتجربة نفس التحدي، لتكون النتيجة متشابهة: رفض التنفيذ مع توضيح أن المهمة غير عملية. أثار هذا الموقف جدلاً واسعًا، إذ اعتبر البعض أن شات جي بي تي غير قادر على تنفيذ الأوامر البسيطة، بينما رأى آخرون أن الطلب أصلاً غير منطقي.
الأسباب التقنية وراء رفض العد للمليون
قد يظن البعض أن رفض شات جي بي تي لمثل هذا الطلب سببه “الكسل”، لكن الحقيقة مختلفة تمامًا. هناك عدة عوامل تقنية تفسر ذلك:
- حجم البيانات الضخم:
كتابة مليون رقم تعني إنشاء مليون وحدة بيانات نصية، وهو أمر يستهلك ذاكرة ومعالجة كبيرة جدًا. - الضغط على الخوادم:
تشغيل مثل هذه المهمة سيستهلك موارد هائلة من الخوادم، مما قد يبطئ الخدمة أو يوقفها. - الحجم الناتج من النص أو الصوت:
حتى لو نفذ شات جي بي تي العد، فإن النص الناتج سيكون ضخمًا جدًا، يصعب التعامل معه أو تخزينه. - الجدوى العملية:
في النهاية، لا توجد فائدة عملية من مثل هذا العد، سوى إضاعة الوقت والموارد.
آراء المستخدمين حول قدرات شات جي بي تي

انتشرت تعليقات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص هذا التحدي:
- لارا: رأت أن السبب يعود إلى “الأمان”، حيث ذكرت أن تسجيل مثل هذا الصوت سيكون هائلًا.
- رؤوف: قال ساخرًا إن مثل هذه الطلبات قد تجعل الروبوتات “تكره البشر”.
- محمد: وجد أن الرفض طبيعي، لأنه لو طلب الجميع نفس الشيء ستنهار الخدمة.
- هشام: عبر عن انزعاجه، معتبرًا أن الردود فارغة أحيانًا وتسبب له الصداع.
هل يضحك شات جي بي تي على مستخدميه؟
في بعض الأحيان يشعر المستخدم أن شات جي بي تي “يضحك عليه” أو يماطل، خصوصًا عندما يرفض تلبية الطلبات المستحيلة، لكنه في الواقع يحاول الموازنة بين إعطاء إجابة منطقية وتجنب المهام غير القابلة للتنفيذ. هذه المماطلة ليست خداعًا، بل وسيلة ذكية للحفاظ على الحوار ممتعًا دون انهيار الأداء.
“اقرأ أيضًا: نموذج نانو بنانا من جوجل“
الحدود بين الممكن والمستحيل في الذكاء الاصطناعي
من المهم أن نفهم أن الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي لا يعمل بطريقة سحرية، بل يعتمد على:
- الخوارزميات: التي تحدد آلية توليد الإجابات.
- الموارد الحاسوبية: التي تضع حدودًا لأي عملية ضخمة.
- التدريب المسبق: الذي يعتمد على البيانات (Data) المتاحة.
لذلك، فإن قدراته هائلة في الحوار والإبداع، لكنها محدودة أمام طلبات غير عملية كـ”عد كل شعراء العالم” أو “العد إلى مليون”.
“تعرف على: إيلون ماسك والذكاء الاصطناعي“
استخدام شات جي بي تي بذكاء

بدلاً من اختباره بأوامر مستحيلة، يمكن الاستفادة منه في:
- التعلم: الحصول على شروح مبسطة للعلوم.
- الإبداع: كتابة مقالات أو نصوص أدبية.
- الأعمال: صياغة خطابات، إعداد خطط تسويق.
- الحياة اليومية: المساعدة في الطبخ أو تنظيم المهام.
مستقبل شات جي بي تي وقدراته
مع التطور المستمر للذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تتحسن قدرات شات جي بي تي أكثر فأكثر، لكن سيظل هناك دائمًا قيود مرتبطة بالموارد والجدوى. المهم أن نتعامل معه كأداة مساعدة قوية، لا ككيان خارق قادر على فعل كل شيء.
“قد يهمك: دمج الذكاء الاصطناعي مع الأتمتة“
قدرات شات جي بي تي: الخاتمة
الجدل الذي أثاره طلب العد إلى مليون كشف لنا حدود قدرات شات جي بي تي، وأظهر كيف يتفاعل الناس مع الذكاء الاصطناعي بين الإعجاب والإحباط. في النهاية، تظل هذه الأداة قوية ومفيدة إذا استخدمناها بذكاء، لكنها ليست مصممة للمهام العبثية أو غير العملية. لذلك، من الأفضل توجيهها نحو ما ينفعنا في حياتنا اليومية أو أعمالنا، بدلًا من اختبار حدودها بما لا طائل منه.

المهندس عبد الرحمن خالد كاتب ومتخصص في الذكاء الاصطناعي وتقنيات المستقبل، حيث يسلط الضوء على أحدث الابتكارات في تعلم الآلة، معالجة اللغة الطبيعية، الروبوتات، وحلول الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات. يقدم مقالات تحليلية وتوضيحية تفتح المجال أمام القارئ لفهم كيف يسهم الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل العالم من حولنا.
بأسلوب علمي مبسط مدعوم بالخبرة الهندسية، يشرح عبد الرحمن خالد التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في التعليم، الصحة، الأعمال، والتقنية، مع إبراز التحديات الأخلاقية والمجتمعية لهذه التكنولوجيا. كتاباته تجمع بين الرؤية المستقبلية والجانب العملي، مما يجعله مرجعًا موثوقًا لكل من يريد استكشاف عالم الذكاء الاصطناعي بعمق.