في جنوب غرب العاصمة الصينية بكين، يجري بناء مشروع ضخم وسري يثير فضول المراقبين وتساؤلات العالم. على مساحة شاسعة محاطة بالأسوار والبوابات، يعمل آلاف المهندسين والعمال في صمت تام، بينما تُمنع الطائرات المسيّرة من التحليق فوق المنطقة، ويُحظر التقاط أي صور أو محاولة الاقتراب. هذا الموقع الغامض ليس مجرد مشروع بناء عادي، بل هو ما يُعتقد أنه المدينة العسكرية السرية في بكين — أكبر مركز قيادة عسكرية في العالم، وفقًا لتقارير استخباراتية وصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.
قائمة المحتويات
فما هي قصة هذه المدينة؟ ولماذا تبنيها الصين في هذا التوقيت الحساس؟ وما علاقتها بطموحات بكين في غزو تايوان ومنافسة الولايات المتحدة؟
ما هي المدينة العسكرية في بكين؟
أظهرت صور الأقمار الصناعية تطورًا هائلًا في منطقة جنوب غرب العاصمة بين عامي 2022 و2025. في البداية كانت المنطقة تضم مباني سكنية وأراضٍ فضاء، لكن في غضون ثلاث سنوات فقط، تحولت إلى موقع بناء ضخم ومنظم يضم طرقًا وأنفاقًا ومباني متشابكة التصميم.
بحسب صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، فإن هذه المدينة قد تكون مقر مركز القيادة العسكرية الأكبر في العالم، الذي يُشيده جيش التحرير الشعبي الصيني ليكون بمثابة “بنتاجون صيني” بمساحة تُقدّر بـ 1445 فدانًا، أي ما يعادل عشرة أضعاف حجم البنتاجون الأمريكي.
تحليلات الأقمار الصناعية تكشف أسرار المشروع
المحلل الأمريكي ريني بابيز، الخبير السابق في وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية (NGA)، أكد أن صور الأقمار الصناعية أظهرت وجود أكثر من 100 رافعة تعمل في مساحة تقدر بخمسة كيلومترات مربعة، مع وجود حفر عميقة تشير إلى إنشاء منشآت تحت الأرض. ويرى الخبراء أن هذه الحفريات ربما تُستخدم لبناء مخابئ محصنة تحمي القيادات العسكرية الصينية في حال نشوب حرب كبرى أو حتى هجوم نووي، ما يعزز فرضية أن الموقع مركز قيادة استراتيجي ضخم.
الصين والتكتم العسكري: غموض متعمّد

من المعروف عن الصين السرية التامة في مشاريعها العسكرية. فلم تصدر بكين أي تصريح رسمي يؤكد أو ينفي طبيعة هذا المشروع، كما أن المواقع الحكومية الصينية لم تذكر أي شيء عنه رغم ضخامة الأعمال الجارية. حتى مكتب الاستخبارات الأمريكية الوطنية رفض التعليق على الأسئلة التي وجهتها الصحف حول حقيقة المشروع، مما زاد الغموض وأشعل التكهنات في الأوساط العسكرية والسياسية.
ماذا تقول تايوان؟
تايوان، التي تُعد أكثر الأطراف قلقًا من أي تحركات عسكرية صينية، تتابع المشروع عن كثب. مصادر داخل وزارة الدفاع التايوانية صرّحت بأن الصين تبني على الأرجح مركز قيادة عسكريًا جديدًا محصنًا، بينما أشار باحثون في مجلس الدراسات الاستراتيجية والألعاب الحربية في تايبيه إلى أن المساحة الشاسعة للموقع لا يمكن أن تكون لمعسكر تدريب عادي، بل لمقر قيادة ضخم ينسجم مع خطط الصين المستقبلية.
تحديث الجيش الصيني: خطوة نحو القوة العظمى
منذ وصول الرئيس شي جين بينغ إلى الحكم، تشهد الصين أكبر عملية تحديث عسكري في تاريخها الحديث. الهدف، بحسب تقارير الاستخبارات الأمريكية، هو أن يصبح الجيش الصيني قادرًا على غزو تايوان بحلول عام 2027، بالتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس جيش التحرير الشعبي. وقد تجلى هذا التحديث في العرض العسكري الضخم الذي أُقيم في ميدان تيانانمن في سبتمبر 2025، حيث استعرضت الصين قوتها الهائلة عبر أسلحة متطورة وصواريخ فرط صوتية وأنظمة دفاع جوي متقدمة وطائرات بدون طيار.
ما علاقة المدينة العسكرية بغزو تايوان؟
يرى الخبراء أن بناء المدينة العسكرية في بكين يُعد جزءًا أساسيًا من خطة الصين لإعادة هيكلة جيشها وتطوير منظومات القيادة والسيطرة لديه. فأحد أبرز نقاط الضعف في الجيش الصيني هو ضعف التكامل بين فروعه المختلفة مقارنة بالجيش الأمريكي. ومن المتوقع أن يُسهم هذا المركز في تحسين التنسيق والاتصال بين القوات الجوية والبحرية والبرية، مما يمنح الصين قدرة أكبر على إدارة الحروب الحديثة — وخاصة أي عملية عسكرية محتملة ضد تايوان.
تكلفة المشروع العملاق
تشير التقديرات إلى أن تكلفة المشروع الصيني قد تتجاوز 5 مليارات دولار، وهو رقم ضخم لكنه واقعي إذا ما قورن بمشاريع مشابهة مثل مقر شركة أبل الذي كلف نحو 5 مليارات دولار أيضًا، أو البنتاجون الأمريكي الذي تجاوزت تكلفته 2 مليار دولار بأسعار اليوم. هذه الأرقام تُظهر أن الصين تستثمر بشكل استراتيجي طويل الأمد في بنية تحتية عسكرية هائلة تواكب طموحاتها في التحول إلى القوة العظمى الأولى في العالم.
ماذا يعني هذا للعالم؟
إن بناء المدينة العسكرية في بكين ليس مجرد مشروع هندسي ضخم، بل إشارة جيوسياسية قوية إلى نية الصين تأمين قيادتها العسكرية في حال نشوب حرب عالمية أو مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
كما أنه يعكس استعداد بكين للدخول في مرحلة جديدة من السباق العسكري العالمي الذي قد يُعيد تشكيل ميزان القوى في آسيا والعالم.
“قد يهمك: العرض العسكري الصيني في بكين“
هل نحن أمام بزوغ “البنتاجون الصيني”؟
بناء مركز قيادة بهذا الحجم والسرية يعيد للأذهان صورة البنتاجون الأمريكي، الذي كان رمزًا للقوة العسكرية للولايات المتحدة خلال الحرب الباردة. اليوم، يبدو أن الصين تسعى لإنشاء نسختها الخاصة من هذا الصرح العسكري، لتعلن أن العالم لم يعد أحادي القطب كما كان لعقود.
“اطلع على: السكوتر الكهربائي في مصر“
المدينة العسكرية السرية في بكين: الخاتمة
في النهاية، يظل مشروع المدينة العسكرية في بكين أحد أكثر المشاريع غموضًا وإثارة في القرن الحادي والعشرين. فما بين التكتم الصيني والتكهنات الغربية، يظهر أن بكين تخطو بثبات نحو عصر جديد من القوة العسكرية والاستقلال الاستراتيجي، في سباق واضح مع واشنطن (Washington, D.C.) على زعامة النظام العالمي القادم. لكن يبقى السؤال الأهم: هل تُحضّر الصين فعلاً لغزو تايوان خلال السنوات المقبلة؟ أم أن ما يجري هو مجرد استعراض قوة وردع استراتيجي؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.
“تعرف على: الاختراق الصيني في صناعة الرقائق“
أسئلة شائعة حول المدينة العسكرية في بكين
1. ما هي المدينة العسكرية في بكين؟
هي مشروع ضخم وسري يُعتقد أنه مركز القيادة العسكرية الجديد لجيش التحرير الشعبي الصيني، بمساحة تفوق 1400 فدان.
2. أين تقع المدينة العسكرية؟
تقع في جنوب غرب العاصمة الصينية بكين داخل منطقة محاطة بالأسوار والبوابات وتخضع لحراسة مشددة.
3. هل أكدت الصين رسميًا المشروع؟
لا، لم تصدر الحكومة الصينية أي تصريح رسمي يؤكد أو ينفي طبيعة المشروع حتى الآن.
4. ما الهدف من بناء المدينة العسكرية؟
الهدف المحتمل هو إنشاء مركز قيادة موحد لتنسيق عمليات الجيش الصيني وتحسين التكامل بين فروعه المختلفة.
5. هل للمشروع علاقة بخطة غزو تايوان؟
نعم، تشير التقديرات إلى أن المدينة العسكرية جزء من خطة التحديث العسكري التي تهدف لجعل الجيش الصيني قادرًا على تنفيذ عملية ضد تايوان بحلول عام 2027.

الاسم/ علي أحمد، كاتب متخصص في المقالات الإخبارية والترندات الحالية التي تشغل اهتمام الكثير من الأشخاص في الدول العربية، كما نقوم بنشر مقالات عامة متنوعة تُزيد من ثقافة القارئ العربي. لدينا خبرة طويلة في مجال المقالات الإخبارية والترندات والمقالات العامة المتنوعة، ونعتمد على المصادر الموثوق فيها لكتابة محتوى هذه المقالات. هدفنا هو إيصال المعلومات الصحيحة للقارئ بشكل واضح ومباشر.
يتميز علي أحمد بكتاباته التي تغطي مجموعة واسعة من المقالات العامة والأخبار العاجلة والموضوعات الرائجة. يجمع في طرحه بين السرعة في مواكبة الأحداث والدقة في نقل المعلومات، ليقدم للقارئ صورة واضحة وشاملة.
يركز على تحليل الأحداث بموضوعية وحياد، مع تقديم خلفيات مختصرة تساعد القارئ على فهم الخبر في سياقه. كما يعرض مقالات متنوعة حول الترندات الاجتماعية والتكنولوجية والثقافية، مما يجعل محتواه مناسبًا لجمهور واسع. كتاباته تعكس حرصًا على أن يكون الموقع دائمًا في قلب الحدث، مع محتوى جذاب يواكب اهتمامات القراء ويثير النقاش حول أبرز القضايا المعاصرة.

